المقالات

كلمة عميد الكلية

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                       

 

شرفني أن أكون عميداً للكلية الجامعية للعلوم التربوية منذ عام 1997 ولتاريخه، ومن مقومات هذا التشريف أنها كلية جامعية تقدم خدماتها التربوية المتميزة لأبناء شريحة من أبناء اللاجئين الفلسطينيين جلها مقدس.  قداسة هذه الشريحة تأتي من كونها حاضنة حياتية لعذابات شعب بأكمله آثر الصبر على آلامه وناضل ليحافظ على ديمومته، من هنا جاءت الكلية الجامعية لتقديم خدمات تربوية متميزة لأبناء اللاجئين لرفع جاهزيتهم المهنية والاحترافية لمستقبل تتزاحم فيه المعلومة وتقنيتها والقيمة ومرجعيتها والاتجاهات ومداها. ومن أجل استمرارية هذه الخدمات التي طورت الكلية - التي بدأت مطلع ستينات القرن الماضي - فلسفة تربوية تقوم على التميز وتتجسد في تقديم البناءات المعرفية والمهارات والكفايات التدريسية والمنظومة القيمية الأصلية من القيم الفلسطينية لتأصيل الثوابت الحضارية والثقافية للمجتمع الفلسطيني. إن جل القيم المعرفية المقدمة للطلبة تهدف إلى تعزيز بناءات معرفية سليمة تمكن الطالب من تذويت هذه المعارف برفع جاهزيته المدنية التي تستند إلى مفاهيم واضحة ومضامين عليا تجعل من المتعلم مواطناً صالحاً يمتلك جلاً مفاهيمياً متكاملاً.

وتتكامل مع القيم المعرفية أعلاه منظومة مركبة من الكفايات التدريسية الضرورية لتفعيل القيم المعرفية في بيئة تربوية سليمة تستند إلى خصائص المتعلمين النمائية منها سواءً كانت النفسية أو الاجتماعية. تحرص الكلية على تقديم هذه المهارات وممارستها وامتلاكها من قبل الطلبة في مواقف تعليمية تجريبية تطبيقية تتسلسلوفق سياق سيكولوجي ومنطقي لبناء الكفاية بمفهومها المركب والمتكامل بشكل تدريجي يمكن المتعلم من تفعيلها في مواقف وخبرات تعليمية أخرى تجسيداً للمعنى التربوي للتعلم ذوي المعنى. كما وتحرص الكلية على تقديم هذه الكفايات ضمن منظومة أخلاقية متوازنة تجعل من المتعلم والخريج شاهداً احترافياً على ما تقدمه الكلية الجامعية من خدمات متميزة متوازنة ذلك انسجاماً مع المنظومات القيمية التي تعتز وتفتخر بها الكلية المستوحاة أيضاً من الأهداف العليا السامية لوكالة الغوث الدولية التي حرصت دوماً على تقديم أفضل خدماتها للاجئين الفلسطينيين وعلى كافة المستويات للفئة التعليمية والإغاثية والصحية ذلك انسجاماً مع الشرعات الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي تجسد إنسانيته وتحافظ على كرامته.

إن الأهداف التربوية للكلية الجامعية للعلوم التربوية إذن تتجسد في تقديم خدمات تربوية متميزة لأبناء اللاجئين لرفع جاهزيتهم التربوية والتعليمية للتنافس على فرص العمل بجاهزية أعلى في مجتمع تتزاحم فيه تقنية وتكنولوجيا المعلومات، ومن أجل هذا قامت الكلية برصد خطط إستراتيجية لتحقيق هذه الأهداف المتميزة وبوسائط وأدوات وبنى تحتية متميزة استثمرت التكنولوجيا وظيفياً لتحقيق المخرجات المطلوبة لتتلاءم مع متطلبات العصر، ومن أجل هذا تحرص الكلية على بناء هذه المنظومات لخريجيها بشكل متكامل حتى يتملك الخريج فلسفة تربوية بأدواتها ومخرجاتها من أجل التميز والانفراد في منظومات قيمية تنفرد فيها الكلية الجامعية للعلوم التربوية.

وفي سياق تطور الكلية التاريخي كانت ولا تزال تستجيب للتطورات التربوية المعاصرة إلى أن حققت اقتراباً أمثلاً لاستثمار التكنولوجيا في العملية التعليمية التعلمة حيث تجسد في استخدام التكنولوجيا العصرية كطريقة منهجية في التفكير يرى قوامها في فلسفة التخطيط والتنفيذ والتقويم الخاصة بالمناهج الدراسية وطرائق التدريس وطرائق التقويم والعمليات الذهنية حتى أخذت الكلية مكانها الريادي في تدريب المعلمين وأصبحت الكلية الجامعية للعلوم التربوية تتبوأ مكانة مرموقة في مجال رؤيتها وفلسفتها وأهدافها وطرائق تحقيقها ومخرجاتها.

إن ما يميز الكلية رؤيتها وفلسفتها وأدواتها وحاضنتها المتمثلة في ميدان تدريبي واسع ينضوي تحت نفس المظلة الإدارية والفنية التي تنضوي تحتها الكلية، متمثلاً في عدد كبير من المدارس التدريبية التي تشكل البيئة التطبيقية الحقيقية لما يتم طرحه نظرياً من خلال جملة من المباحث الدراسية التربوية والتخصصية والثقافية التي تتكامل أهدافها لتحقيق المخرج الرئيس للكلية، الذي يتجسد في إعداد معلم يتمتع باستقلالية مهنية بارزة وقدرة بحثية رفيعة المستوى تشكل المؤشرات الحقيقية لنجاح الكلية في تحقيق أهدافها الإستراتيجية.

ننظر قدماً إلى أن تبقى هذه المؤسسة رمزاً تربوياً رائعاً وعنواناً أكاديمياً رائداً لتقديم الخدمات التربوية لأبنائنا اللاجئين الذين يستحقون منا كل تقدير.